مواقف شجاعة للإمام الحسن ( عليه السلام )
صفحة 1 من اصل 1
مواقف شجاعة للإمام الحسن ( عليه السلام )
مواقف شجاعة للإمام الحسن ( عليه السلام )
فيما يلي نذكر بعضاً من مواقف الإمام ( عليه السلام ) مع سلطة معاوية ، التي كانت تهزُّ عرشه ، وتُلهم معارضيه أسلوب مقاومته :
الموقف الأول :
في الشام حيث رَكَّز معاوية سلطته خلال عشرات السنين ، ولفَّقَ أكاذيب على الإسلام حتى كاد يخلق للناس ديناً جديداً .
وقف الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) يعارض نظامه الفاسد ، ويبيِّن أنه ( عليه السلام ) وخَطُّه أولى بالقيادة .
ويقصُّ علينا التاريخ الحادثة التالية :
رُوي أنَّ عمرو بن العاص قال لمعاوية : إنَّ الحسن بن علي رجل عَيِيٌّ ،
وإنه إذا صعد المنبر ورَمَقوه بأبصارهم خَجَل وانقطع ، لو أذنتَ له .
فقال معاوية : يا أبا محمَّد ، لو صعدت المنبر ووعظتنا .
فقام ( عليه السلام ) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمَّ قال : ( مَن
عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليٍّ ، وابن سيدة
النِّساء فاطمة ( عليها السلام ) ، بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
أنا ابن رسول الله ، أنا ابن نبيِّ الله ، أنا ابن السراج المنير ،
أنا ابن البشير النَّذير ، أنا ابن من بُعث رحمة للعالمين ، أنا ابن من
بُعث إلى الجنِّ والإنس .
أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله ، أنا ابن صاحب الفضائل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدَّلائل .
أنا ابن أمير المؤمنين ، أنا المدفوع عن حَقِّي ، أنا واحدُ
سَيِّدَي شباب أهل الجنَّة ، أنا ابن الُّركن والمقام ، أنا ابن مَكَّة
ومنى ، أنا ابن المشعر وعرفات ) .
فاغتاظ معاوية وقال : خُذْ في نعت الرُطب ودعْ ذا .
فقال ( عليه السلام ) : ( الرِّيح تنفخه ، والحرُّ يُنضجُه ، وبرد اللَّيل يطيِّبُه ) .
ثمَّ عاد ( عليه السلام ) فقال : ( أنَا ابنُ الشفيع المُطاع ، أنا
ابن من قَاتَل معه الملائكة ، أنا ابن مَنْ خَضَعت له قريش ، أنا ابن إمام
الخَلقِ ، وابن مُحمَّد رسول الله ) .
فخشي معاوية أن يفتتن به الناس ، فقال : يا أبا محمَّد انزل ، فقد كفى ما جرى .
فنزل فقال له معاوية : ظننتَ أن ستكون خليفة ، وما أنت وذاك ؟!
فقال الحسن ( عليه السلام ) : ( إنَّما الخليفة من سار بكتاب الله ،
وسُنَّة رسول الله ، ليس الخليفة من سار بالجور ، وعطَّل السُنَّة ،
واتَّخذ الدُّنيا أباً وأُمّاً ، ملك ملكاً مُتِّع به قليلاً ، ثمَّ تنقطع
لذَّته ، وتبقى تَبِعَتُه ) .
وحضر المحفل رجل من بني أُمية ، وكان شاباً ، فأغلظ للحسن ( عليه السلام
) كلامه ، وتجاوز الحدَّ في السبِّ والشتم له ولأبيه ( عليهما السلام ) .
فقال الحسن ( عليه السلام ) : ( اللَّهمَّ غَيِّر ما به من النِّعمة ، واجعله أُنثى ليُعتبر به ) .
فنظر الأمويُّ في نفسه وقد صار امرأة ، قد بدَّل الله له فرجه بفرج النساء ، وسقطت لحيته .
فقال الحسن ( عليه السلام ) : ( أُعْزُبي ، مالكِ ومحفل الرِّجال ؟!! ، فإنّكِ امرأة ) .
ثمَّ إنَّ الحسن ( عليه السلام ) سكت ساعة ، ثمَّ نفض ثوبه ونهض ليخرج ، فقال ابن العاص : اجلس فانّي أسألك مسائل .
فقال ( عليه السلام ) : ( سَلْ عَمَّا بدا لك ) .
قال عمرو : أخبرني عن الكَرَم والنجدة والمُروءة .
فقال ( عليه السلام ) : ( أمَّا الكرم فالتبرُّع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال .
وأما النجدة فالذَّبُّ عن المحارم ، والصَّبر في المواطن عند المكاره .
وأما المروءة فَحِفْظ الرجل دينه ، وإحرازه نفسه من الدَّنَس ، وقيامه بأداء الحقوق ، وإفشاء السَّلام ) .
فخرج الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فعذل معاوية عمرو ، فقال : أفسدت أهل الشام .
فقال عمرو : إليك عنِّي ، إن أهل الشام لم يُحبُّوك مَحبَّة إيمان ودين ،
إنَّما أحبوك للدنيا ينالونها منك ، والسيف والمال بيدك ، فما يغني عن
الحسن كلامه .
ثم شاع أمر الشاب الأموي ، وأتت زوجته إلى الإمام الحسن ( عليه السلام )
فجعلت تبكي وتتضرع ، فَرَقَّ ( عليه السلام ) لها ودعا ، فجعله الله كما
كان .
الموقف الثاني :
بُعَيْدَ المصالحة التي تمَّت بين الإمام ( عليه السلام ) ومعاوية ،
صَعَد معاوية المنبر ، وجمع الناس ، فخطبهم وقال : إن الحسن بن علي رآني
للخلافة أهلاً ، ولم يَر نفسه لها أهلاً .
وكان الإمام الحسن ( عليه السلام ) أسفل منه بمرقاة [ يعني : بينهما درجة ، ويقصد بذلك كان قريباً منه ] .
فلمَّا فرغ من كلامه قام الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فحمد الله تعالى بما هو أهله ، ثمَّ ذكر المباهلة ، فقال : (
فَجَاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الأنفس بأبي ، ومن الأبناء بي
وبأخي ، ومن النساء بأمِّي ، وكُنَّا أهله ، ونحن آله ، وهو مِنَّا ونحن
منه .
ولمَّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في كِسَاء لأُمِّ سَلَمة خيبري ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) :
اللَّهُمَّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي ، فَأذهِبْ عنهم الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيراً .
فلم يكن أحد في الكساء غيري ، وأخي ، وأبي ، وأُمِّي ، ولم يكن أحد
تصيبه جنابة في المسجد ويولد فيه إلاَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأبي ،
تَكرُمَةً من الله لنا ، وتفضيلاً منه لنا ، وقد رأيتم مكان منزلتنا من
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وأمَرَ بسدِّ الأبواب فسدَّها وترك بابنا ، فقيل له في ذلك فقال :
أَمَا إنّي لم أسدَّها وأفتح بابه ، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ أمرني أن
أسدَّها وأفتح بابه .
وإنَّ معاوية زعم لكم أنِّي رأيته للخلافة أهلاً ، ولم أرَ نفسي لها أهلاً ، فكذب معاوية .
نحن أولى بالناس في كتاب الله عزَّ وجلَّ ، وعلى لسان نبيه ( صلى الله عليه وآله ) .
وَلَمْ نَزَلْ أهل البيت مظلومين ، منذ قبض الله نبيه ( صلى الله
عليه وآله ) ، فالله بيننا وبين من ظَلَمنا حقّنا ، وتوثّب على رقابنا ،
وحمل الناس علينا ، ومنعنا سهمنا من الفيء ، ومنع أُمَّنا ما جعل لها رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وأُقسم بالله لو أنَّ الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) لأعطَتْهم السماء قطرها ، والأرض بركتها ، وما طمِعتَ
فيها يا معاوية .
فلمّا خرجتْ من معدنها تنازعتها قريش بينها ، فطمعتْ فيها
الطُّلَقاء ، وأبناء الطُّلَقاء ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
:
ما ولَّت أُمَّة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه ، إلاَّ لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتّى يرجعوا إلى ما تركوا .
فقد تركَتْ بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنَّه خليفة موسى فيهم ، واتَّبعوا السامريَّ .
وقد تركت هذه الأُمَّة أبي وبايعوا غيره ، وقد سمعوا رسول الله (
صلى الله عليه وآله ) يقول : أنتَ مِنِّي بمنزلة هارون من موسى إلاَّ
النبوَّة ، وقد رأَوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نَصَّبَ أبي يوم غدير خم ، وأمرهم أن يبلِّغ الشاهد منهم الغائب .
وقد هرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قومه ، وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتَّى دخل الغار ، ولو
وجد أعواناً ما هرب ، وقد كفَّ أبي يده حين ناشدهم ، واستغاث فلم يُغَثْ ،
فجعل الله هارون في سِعَة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه .
وجعل الله النبيَّ ( صلى الله عليه وآله ) في سِعَة حين دخل الغار ، ولم يجد أعواناً ، وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين خَذَلَتْنا هذه الأمة ، وبايعوك يا معاوية ، وإنما هي السنن والأمثال يَتَّبِع بعضها بعضاً .
أيها الناس : إنكم لو التَمَسْتُم فيما بين المشرق والمغرب ، أن تجدوا رجلاً ولده نبيٌّ غيري وأخي لم تجدوا ، وإنِّي قد بايعتُ هذا وإن أدري لعلَّه فتنةٌ لكم ومتاع إلى حين ) .
الموقف الثالث :
وفي مَرَّة صعد معاوية المنبر ، ونال من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ،
فتحدَّاه الإمام الحسن ( عليه السلام ) بما فضحه أمام الملأ .
تقول الرواية : بعد أن تَمَّت المصالحة ، سار معاوية حتَّى دخل الكوفة ، فأقام بها أيَّاماً .
فلمَّا اسْتَتَمَّت البيعة له من أهلها صعد المنبر ، فخطب الناس وذكر
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ونال منه ، ونال من الحسن ( عليه السلام )
ما نال ، وكان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) حاضرَين .
فقام الحسين ( عليه السلام ) ليردَّ عليه ، فأخذ بيده الحسن ( عليه السلام ) فأجلسه ، ثمَّ قام فقال : (
أيَّها الذاكر عليّاً ، أنا الحسن وأبي عليٌّ ، وأنت معاوية وأبوك صخر ،
وأُمي فاطمة وأُمّك هند ، وجدِّي رسول الله وجدُّك حرب ، وجدَّتي خديجة
وجدَّتك قتيلة .
فلعن الله أخمَلُنَا ذكراً ، وألأَمنا حَسَباً ، وَشَرّنا قَدماً ، وأقدَمَنا كفراً ونفاقاً ) .
فقالت طَوائِف من أهل المسجد : آمين ، آمين .
فيما يلي نذكر بعضاً من مواقف الإمام ( عليه السلام ) مع سلطة معاوية ، التي كانت تهزُّ عرشه ، وتُلهم معارضيه أسلوب مقاومته :
الموقف الأول :
في الشام حيث رَكَّز معاوية سلطته خلال عشرات السنين ، ولفَّقَ أكاذيب على الإسلام حتى كاد يخلق للناس ديناً جديداً .
وقف الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) يعارض نظامه الفاسد ، ويبيِّن أنه ( عليه السلام ) وخَطُّه أولى بالقيادة .
ويقصُّ علينا التاريخ الحادثة التالية :
رُوي أنَّ عمرو بن العاص قال لمعاوية : إنَّ الحسن بن علي رجل عَيِيٌّ ،
وإنه إذا صعد المنبر ورَمَقوه بأبصارهم خَجَل وانقطع ، لو أذنتَ له .
فقال معاوية : يا أبا محمَّد ، لو صعدت المنبر ووعظتنا .
فقام ( عليه السلام ) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمَّ قال : ( مَن
عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليٍّ ، وابن سيدة
النِّساء فاطمة ( عليها السلام ) ، بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
أنا ابن رسول الله ، أنا ابن نبيِّ الله ، أنا ابن السراج المنير ،
أنا ابن البشير النَّذير ، أنا ابن من بُعث رحمة للعالمين ، أنا ابن من
بُعث إلى الجنِّ والإنس .
أنا ابن خير خلق الله بعد رسول الله ، أنا ابن صاحب الفضائل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدَّلائل .
أنا ابن أمير المؤمنين ، أنا المدفوع عن حَقِّي ، أنا واحدُ
سَيِّدَي شباب أهل الجنَّة ، أنا ابن الُّركن والمقام ، أنا ابن مَكَّة
ومنى ، أنا ابن المشعر وعرفات ) .
فاغتاظ معاوية وقال : خُذْ في نعت الرُطب ودعْ ذا .
فقال ( عليه السلام ) : ( الرِّيح تنفخه ، والحرُّ يُنضجُه ، وبرد اللَّيل يطيِّبُه ) .
ثمَّ عاد ( عليه السلام ) فقال : ( أنَا ابنُ الشفيع المُطاع ، أنا
ابن من قَاتَل معه الملائكة ، أنا ابن مَنْ خَضَعت له قريش ، أنا ابن إمام
الخَلقِ ، وابن مُحمَّد رسول الله ) .
فخشي معاوية أن يفتتن به الناس ، فقال : يا أبا محمَّد انزل ، فقد كفى ما جرى .
فنزل فقال له معاوية : ظننتَ أن ستكون خليفة ، وما أنت وذاك ؟!
فقال الحسن ( عليه السلام ) : ( إنَّما الخليفة من سار بكتاب الله ،
وسُنَّة رسول الله ، ليس الخليفة من سار بالجور ، وعطَّل السُنَّة ،
واتَّخذ الدُّنيا أباً وأُمّاً ، ملك ملكاً مُتِّع به قليلاً ، ثمَّ تنقطع
لذَّته ، وتبقى تَبِعَتُه ) .
وحضر المحفل رجل من بني أُمية ، وكان شاباً ، فأغلظ للحسن ( عليه السلام
) كلامه ، وتجاوز الحدَّ في السبِّ والشتم له ولأبيه ( عليهما السلام ) .
فقال الحسن ( عليه السلام ) : ( اللَّهمَّ غَيِّر ما به من النِّعمة ، واجعله أُنثى ليُعتبر به ) .
فنظر الأمويُّ في نفسه وقد صار امرأة ، قد بدَّل الله له فرجه بفرج النساء ، وسقطت لحيته .
فقال الحسن ( عليه السلام ) : ( أُعْزُبي ، مالكِ ومحفل الرِّجال ؟!! ، فإنّكِ امرأة ) .
ثمَّ إنَّ الحسن ( عليه السلام ) سكت ساعة ، ثمَّ نفض ثوبه ونهض ليخرج ، فقال ابن العاص : اجلس فانّي أسألك مسائل .
فقال ( عليه السلام ) : ( سَلْ عَمَّا بدا لك ) .
قال عمرو : أخبرني عن الكَرَم والنجدة والمُروءة .
فقال ( عليه السلام ) : ( أمَّا الكرم فالتبرُّع بالمعروف والإعطاء قبل السؤال .
وأما النجدة فالذَّبُّ عن المحارم ، والصَّبر في المواطن عند المكاره .
وأما المروءة فَحِفْظ الرجل دينه ، وإحرازه نفسه من الدَّنَس ، وقيامه بأداء الحقوق ، وإفشاء السَّلام ) .
فخرج الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فعذل معاوية عمرو ، فقال : أفسدت أهل الشام .
فقال عمرو : إليك عنِّي ، إن أهل الشام لم يُحبُّوك مَحبَّة إيمان ودين ،
إنَّما أحبوك للدنيا ينالونها منك ، والسيف والمال بيدك ، فما يغني عن
الحسن كلامه .
ثم شاع أمر الشاب الأموي ، وأتت زوجته إلى الإمام الحسن ( عليه السلام )
فجعلت تبكي وتتضرع ، فَرَقَّ ( عليه السلام ) لها ودعا ، فجعله الله كما
كان .
الموقف الثاني :
بُعَيْدَ المصالحة التي تمَّت بين الإمام ( عليه السلام ) ومعاوية ،
صَعَد معاوية المنبر ، وجمع الناس ، فخطبهم وقال : إن الحسن بن علي رآني
للخلافة أهلاً ، ولم يَر نفسه لها أهلاً .
وكان الإمام الحسن ( عليه السلام ) أسفل منه بمرقاة [ يعني : بينهما درجة ، ويقصد بذلك كان قريباً منه ] .
فلمَّا فرغ من كلامه قام الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فحمد الله تعالى بما هو أهله ، ثمَّ ذكر المباهلة ، فقال : (
فَجَاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الأنفس بأبي ، ومن الأبناء بي
وبأخي ، ومن النساء بأمِّي ، وكُنَّا أهله ، ونحن آله ، وهو مِنَّا ونحن
منه .
ولمَّا نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في كِسَاء لأُمِّ سَلَمة خيبري ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) :
اللَّهُمَّ هؤلاء أهل بيتي وعترتي ، فَأذهِبْ عنهم الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيراً .
فلم يكن أحد في الكساء غيري ، وأخي ، وأبي ، وأُمِّي ، ولم يكن أحد
تصيبه جنابة في المسجد ويولد فيه إلاَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأبي ،
تَكرُمَةً من الله لنا ، وتفضيلاً منه لنا ، وقد رأيتم مكان منزلتنا من
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وأمَرَ بسدِّ الأبواب فسدَّها وترك بابنا ، فقيل له في ذلك فقال :
أَمَا إنّي لم أسدَّها وأفتح بابه ، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ أمرني أن
أسدَّها وأفتح بابه .
وإنَّ معاوية زعم لكم أنِّي رأيته للخلافة أهلاً ، ولم أرَ نفسي لها أهلاً ، فكذب معاوية .
نحن أولى بالناس في كتاب الله عزَّ وجلَّ ، وعلى لسان نبيه ( صلى الله عليه وآله ) .
وَلَمْ نَزَلْ أهل البيت مظلومين ، منذ قبض الله نبيه ( صلى الله
عليه وآله ) ، فالله بيننا وبين من ظَلَمنا حقّنا ، وتوثّب على رقابنا ،
وحمل الناس علينا ، ومنعنا سهمنا من الفيء ، ومنع أُمَّنا ما جعل لها رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وأُقسم بالله لو أنَّ الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) لأعطَتْهم السماء قطرها ، والأرض بركتها ، وما طمِعتَ
فيها يا معاوية .
فلمّا خرجتْ من معدنها تنازعتها قريش بينها ، فطمعتْ فيها
الطُّلَقاء ، وأبناء الطُّلَقاء ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
:
ما ولَّت أُمَّة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه ، إلاَّ لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتّى يرجعوا إلى ما تركوا .
فقد تركَتْ بنو إسرائيل هارون وهم يعلمون أنَّه خليفة موسى فيهم ، واتَّبعوا السامريَّ .
وقد تركت هذه الأُمَّة أبي وبايعوا غيره ، وقد سمعوا رسول الله (
صلى الله عليه وآله ) يقول : أنتَ مِنِّي بمنزلة هارون من موسى إلاَّ
النبوَّة ، وقد رأَوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نَصَّبَ أبي يوم غدير خم ، وأمرهم أن يبلِّغ الشاهد منهم الغائب .
وقد هرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قومه ، وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتَّى دخل الغار ، ولو
وجد أعواناً ما هرب ، وقد كفَّ أبي يده حين ناشدهم ، واستغاث فلم يُغَثْ ،
فجعل الله هارون في سِعَة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه .
وجعل الله النبيَّ ( صلى الله عليه وآله ) في سِعَة حين دخل الغار ، ولم يجد أعواناً ، وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين خَذَلَتْنا هذه الأمة ، وبايعوك يا معاوية ، وإنما هي السنن والأمثال يَتَّبِع بعضها بعضاً .
أيها الناس : إنكم لو التَمَسْتُم فيما بين المشرق والمغرب ، أن تجدوا رجلاً ولده نبيٌّ غيري وأخي لم تجدوا ، وإنِّي قد بايعتُ هذا وإن أدري لعلَّه فتنةٌ لكم ومتاع إلى حين ) .
الموقف الثالث :
وفي مَرَّة صعد معاوية المنبر ، ونال من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ،
فتحدَّاه الإمام الحسن ( عليه السلام ) بما فضحه أمام الملأ .
تقول الرواية : بعد أن تَمَّت المصالحة ، سار معاوية حتَّى دخل الكوفة ، فأقام بها أيَّاماً .
فلمَّا اسْتَتَمَّت البيعة له من أهلها صعد المنبر ، فخطب الناس وذكر
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ونال منه ، ونال من الحسن ( عليه السلام )
ما نال ، وكان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) حاضرَين .
فقام الحسين ( عليه السلام ) ليردَّ عليه ، فأخذ بيده الحسن ( عليه السلام ) فأجلسه ، ثمَّ قام فقال : (
أيَّها الذاكر عليّاً ، أنا الحسن وأبي عليٌّ ، وأنت معاوية وأبوك صخر ،
وأُمي فاطمة وأُمّك هند ، وجدِّي رسول الله وجدُّك حرب ، وجدَّتي خديجة
وجدَّتك قتيلة .
فلعن الله أخمَلُنَا ذكراً ، وألأَمنا حَسَباً ، وَشَرّنا قَدماً ، وأقدَمَنا كفراً ونفاقاً ) .
فقالت طَوائِف من أهل المسجد : آمين ، آمين .
مواضيع مماثلة
» حب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) للإمام الحسن ( عليه السلام )
» وصية فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) للإمام علي ( عليه السلام )
» معاشرة فاطمة ( عليها السلام ) للإمام علي ( عليه السلام )
» شجاعة الإمام الحسين ( عليه السلام )
» سفير الإمام الحسين ( عليه السلام ) مسلم بن عقيل ( عليه السلام )
» وصية فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) للإمام علي ( عليه السلام )
» معاشرة فاطمة ( عليها السلام ) للإمام علي ( عليه السلام )
» شجاعة الإمام الحسين ( عليه السلام )
» سفير الإمام الحسين ( عليه السلام ) مسلم بن عقيل ( عليه السلام )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى